الفصل الثالث
روني في نفسه: "ماذا أفعل الآن؟ على يميني بحر ممتد… وعلى يساري غابة مظلمة."
وفجأة، سمع صوت الساعة مجددًا.نظر إلى معصمه، لتظهر الشاشة المعلقة في الهواء أمامه مرة أخرى.
الساعة: "مهماتك الأولى بسيطة، لكنها ضرورية لرفع قوتك. كلما أنجزتها أسرع، حصلت على جوائز أفضل. البداية: مئة ضغط… مئة حركة… عَدْو ثلاثمئة متر…"
روني تنهد وهو يمسح عرقه: "تمارين؟ حتى في عالم غريب كهذا؟"
بعد ساعات من العرق والتعب، جلس على الشاطئ منهكًا، جسده يرتجف من الإجهاد، أنفاسه متقطعة، والعرق يغمر وجهه.
وبينما هو يلهث، ظهرت أمامه رسالة جديدة:"اختر جائزتك: خنجر صغير – جنزير حديدي – رمح حديدي."
روني: "الرمح صعب… الجنزير لا أجيد استخدامه… إذن أختار الخنجر."
وفجأة، ظهر أمامه سكين عادي.روني متعجبًا: "ماذا؟! قلت خنجر… كيف ظهر سكين؟"
الساعة: "حين تختار خنجرًا، قد تحصل على خنجر مسحور، أو سكين مسحور… أو مجرد سكين عادي. الأمر يعتمد على سرعتك. وبما أنك كنت بطيئًا وتوقفت كثيرًا للاستراحة… فالنتيجة أمامك."
روني وهو ينظر إلى السكين: "سلاح عادي إذن… حسنًا، سأحاول تجنب القتال قدر الإمكان."
الساعة: "هذا المكان يصبح خطرًا عند حلول الليل. إن مت هنا، ستموت في عالمك الآخر أيضًا. أمامك الغابة، إن عبرتها ستجد مدينة تنتظرك."
روني وهو يضغط على أسنانه: "غابة… مليئة بالوحوش بالتأكيد. لكن لا خيار آخر."
دخل الغابة. الأشجار ضخمة، الظلال كثيفة، وكل خطوة كان صداها يتردد وكأن الغابة نفسها تراقبه.
فجأة، رأى أرنبًا صغيرًا يعبر أمامه.لكن شيئًا ما استيقظ داخله.روني شعر برغبة مجنونة في تمزيقه. قلبه خفق بعنف، ويده تشنجت على مقبض السكين.
تذكر كلمات الساعة: "لا تدع القوة تسيطر عليك."فتراجع خطوة للوراء وهو يلهث: "لا… هذا مجرد أرنب… تماسك يا روني."
لكن الرغبة لم تخمد.قبل أن يفعل شيئًا، سمع الأرض تهتز خلفه. التفت… ليرى دبًا ضخمًا، أشبه بمبنى من ثلاث طوابق، فراؤه كثيف كالحديد، وعيونه متوهجة بالوحشية.
الدب هدر بصوت زلزل الغابة، واندفع نحوه.روني تجمد في مكانه، ثم رفع يده فجأة بلا وعي.جسده تحرك وحده، تفادى الضربة الأولى بخفة لا يصدقها عقله.
الدب نظر إليه بغضب.روني فجأة ابتسم. ثم تحولت الابتسامة إلى قهقهة، ثم إلى ضحكة غريبة متصاعدة، كأنها قادمة من أعماق لا تخصه.
رائحة الدم ملأت أنفه، طعم الحديد غمر فمه.يده اهتزت وهو يضغط على السكين.
روني بصوت متقطع بين الضحك والصرخ: "يا لك من دب ضعيف… هيا! هاجمني!"
انقض الدب مرة أخرى. لكن أصابعه تقطعت، والسكين في يد روني تقطر دمًا.حركاته لم تكن منه… كأن يدًا أجنبية قادت جسده.
واصل الهجوم بجنون. ضربات متلاحقة، سريعة، ممزوجة بضحكات هستيرية.وفي لحظات، سقط الدب العملاق غارقًا في دمائه.
روني وهو يلهث، ملابسه ملطخة بالدماء: "ما… الذي حدث؟ كنت أشاهد نفسي فقط… كأني مجرد متفرج!"
التفت جانبًا… ليجد الأرنب ممزقًا إلى أشلاء.روني بصوت مرتعش: "لا… لم ألمسك… كيف؟! هل قتلتك أنا أيضًا؟"
انقبض قلبه. مرّ وجه أمه في خياله، ابتسامتها المرهقة على سرير المستشفى.روني في نفسه: "على هذا المعدل… سأقتل كل من حولي… حتى أحبّائي."
واصل السير بين أشجار الغابة، رأسه منخفض، صدره يعلو ويهبط.لكن الأرض اهتزت مجددًا. الأشجار ارتعشت.
التفت خلفه… ليجد أسدًا غريب الشكل، فروه البنفسجي يغطّيه نقوش لامعة كأنها طلاسم، وعيونه مشتعلة بالشر.
الأسد زأر بقوة، واقترب بخطوات ثقيلة.وفجأة سمع روني صوتًا بعيدًا يصرخ: "احترس!"
الخوف جمده لحظة.ثم شعرت قوته بالتحرّك داخله. عطش الدماء عاد يسيطر.
ابتسامة صغيرة انكمشت على شفتيه.ثم اتسعت… وضحكة مشروخة خرجت من صدره.اندفع على الأسد وهو يرفع سكينه، لا يرى سوى الدم.
وآخر ما رآه قبل أن يبتلع الظلام وعيه… انعكاس محمّر في عينيه، كأن دمًا قد نبت خلف بؤبؤيه.