ضحك الوحش بصوتٍ عميق، يتردد صداه بين أشجار الغابة المظلمة.
قال وهو ينظر إلى روني وإليسا:
"كم أعشق تلك النظرات… نظرات الخوف التي تسكن عيونكم أيها البشر."
تراجع روني خطوة إلى الوراء، جسده يرتجف قليلًا، لكنّه حاول أن يُبقي صوته ثابتًا.
اقترب الوحش أكثر، وابتسامة شريرة ترتسم على وجهه، ثم قال:
"ما رأيكما أن نلعب لعبة؟ سأمنحكما ثلاث دقائق فقط للهرب، وبعدها سأبدأ بمطاردتكما… وإن أمسكت بكما، فسوف أقضي عليكما بلا رحمة."
أمسك روني بيد إليسا بقوة، وصرخ قائلاً:
"يجب أن نركض الآن!"
اندفعا بين الأشجار، وأصوات أنفاسهما تختلط بصوت الرياح الباردة.
قالت إليسا وهي تلهث:
"علينا أن نخرج من هذه الغابة قبل أن يصل إلينا!"
رد روني بعزم:
"سنحاول، لكن لا وقت لدينا."
رفع يده واستعمل قدرته على الانتقال، ليظهر فجأة أمام كهف مظلم تحيط به صخور ضخمة.
تبادل نظرة سريعة مع إليسا، ثم اندفعا إلى الداخل.
كان الكهف بارداً ورطباً، وظلامه يكاد يبتلع أنفاسهما. لكن فجأة، ظهر نور بنفسجي ساطع في عمق المكان.
اقترب روني بخطوات مترددة، حتى وصل إلى مصدر الضوء.
كانت هناك بلورة بنفسجية ملقاة على الأرض، يتلألأ ضوؤها الغامض كما لو كان يخفي سرّاً.
انحنى روني وأمسكها بيده، ثم حاول كسرها ظنًا منه أنها جزء من قوة الوحش.
صرخت إليسا بسرعة:
"توقف يا روني! هذه البلورات التي نجدها ملقاة على الأرض تُستخدم في صناعة السيوف والأسلحة. أما البلورات التي تُستخرج من قلب الوحش نفسه… فهي وحدها التي تمنحنا قوته."
توقف روني وحدّق فيها مذهولاً، ثم تمتم غاضبًا:
"تبا… إذن ما نفع هذه البلورة الآن؟ الوحش سيجدنا عاجلًا أم آجلًا."
ثم وضع البلورة في جيبه، وهو يشعر بثقل غامض يجثم على صدره.
وفجأة، حلّ الصمت.
لم يكن هناك أي صوت للرياح أو للخطوات.
استدار روني ببطء، ليجد الوحش واقفًا خلفهما مباشرة، من دون أن يسمعا أي اقتراب.
قال الوحش ساخرًا:
"فاجأتكما، أليس كذلك؟"
شهق روني بصدمة وهو يصرخ:
"لكن… كيف؟ كيف لحقت بنا دون أن نشعر بك؟!"
ابتسم الوحش ابتسامة باردة وقال:
"إنها إحدى قدراتي يا عزيزي… والآن، استعدا للموت."
مدّ روني يده إلى إليسا وقال بحزم:
"عليكِ أن تهربي. ليس أمامي خيار آخر."
هزت رأسها بعناد وقالت:
"لن أتركك! سأقاتل بجانبك."
صرخ روني:
"لا تقلقيني أكثر! اهربي الآن!"
في تلك اللحظة، بدأ تعطش الدماء يستيقظ داخله.
تحولت عيناه إلى اللون الأحمر القاتم، وصدر عنه زئير غاضب ارتجفت له جدران الكهف.
صرخ بأعلى صوته:
"اهربي يا إليسا!!!"
ترددت للحظة، لكن رؤية عينيه المتوهجتين جعلتها تتراجع.
ضحك روني ضحكة قصيرة وقال بنبرة ممتلئة بالحماس:
"سيبدأ اللعب الحقيقي الآن!"
اندفع بجنون نحو الوحش، وضربه ضربة قوية أصابته في كتفه.
زمجر الوحش متألمًا وقال:
"ماذا؟! ما هذه القوة؟!"
رغم إصاباته السابقة، استمر روني في القتال بقوة أكبر.
لكن الوحش ابتسم فجأة وقال:
"أنت لم تترك لي خيارًا آخر."
انبعث ضوء ساطع من جسده، وبدأ حجمه يتقلص.
تحول من وحش ضخم إلى هيئة بشرية، لكن بأجنحة سوداء وعينين مظلمتين مخيفتين.
تراجع روني مذهولًا وهو يتمتم:
"ما الذي حدث؟!"
ضحك الوحش بصوت مرعب وقال:
"لقد دخلت المستوى الثاني من قوتي… والآن ستبدأ المتعة الحقيقية."
اندفع بسرعة هائلة، ليغرس مخالبه في بطن روني.
صرخ روني من الألم، والدماء تنزف بغزارة.
وقف الوحش أمامه وقال ببرود:
"بصراحة، لم أقابل في حياتي بشريًا بهذا الجنون."
لكن روني، رغم ألمه الشديد، رفع رأسه، عيناه حمراوان بالكامل، وابتسامة عريضة ترتسم على وجهه.
قال بصوت متقطع:
"أنا… لم أنتهِ بعد. عندما أستعيد قوتي بالكامل… سأقضي عليك."
ثم فقد وعيه، وسقط أرضًا من شدّة النزيف.
وقف الوحش ينظر إليه بدهشة، ثم قال في نفسه:
"أي بشري آخر كان سيتوسل إليّ أن أتركه حيًا… لكن هذا الفتى يضحك حتى وهو على وشك الموت."
…
وفجأة، استيقظ روني.
فتح عينيه ببطء، ليجد نفسه في مكان مختلف.
كان مستلقيًا داخل المطعم، وحوله عالية، وأمسلم، وسارة، وتيسون.
جلس متفاجئًا وقال:
"ما الذي حدث؟! هل كنت أحلم؟!"
اقترب أمسلم منه وقال:
"أخبرني، ما الذي جرى معك؟ لقد وجدناك ملقى على الأرض، ملابسك ممزقة… لكن لم يكن بجسدك أي خدش."
فتح روني عينيه بدهشة أكبر وقال:
"مستحيل! أنا أتذكر أنني كنت أموت… جسدي كان مليئًا بالجروح."
أجابه أمسلم بجدية:
"إليسا جاءت إلينا وهي تبكي وتصرخ. قالت إنك تتقاتل مع وحش من رتبة (S.S) أو أقوى.
فزعنا أنا وتيسون، وذهبنا إلى المكان الذي دلّتنا عليه.
وجدناك داخل الكهف، ملقى على الأرض، بيدك بلورة بنفسجية.
ملابسك كانت ممزقة، لكن جسدك لم يكن فيه أي أثر لجروح."
جلس روني صامتًا للحظة، ثم قال بصوت خافت:
"هذا يفسر شيئًا واحدًا… الوحش هو من تركني حيًا.
لكن لماذا فعل ذلك؟"
هز أمسلم رأسه وقال:
"لا أعلم. لكن هيا الآن، ارتدِ هذه الملابس. نحن في انتظارك بالخارج لنذهب إلى المدرسة