WebNovels

Chapter 4 - Chapter Four: Melodies of the Fallen and the Scent of Treason

كانت الرطوبة في الممرات السفلية للأكاديمية أشبه بأنفاس وحش بارد. في ذلك المساء، لم يستطع سلطان النوم؛ شعر بطنين خفيف في عظام جمجمته - صدى بعيد لشيء يتحطم وراء الأفق. غادر غرفته الضيقة، يمشي بخطوات صامتة على الحجر البارد، حتى قادته قدماه إلى جناح التدريب الخاص بإليانا.

توقف عند الباب الموارب. لم يسمع صليل سيوف أو أوامر عسكرية؛ بل سمع شيئًا هزّ كيانه. كانت موسيقى خافتة، لحن حزين يُعزف على آلة وترية قديمة، وصوت امرأة تغني بكلمات عربية ركيكة، لكنها غارقة في الشوق.

دفع الباب ببطء. جلست إليانا على الأرض، وضوء شمعة وحيدة يرقص على ملامحها الحادة. لم تكن ترتدي درعها، بل قميصًا أبيض بسيطًا، وعيناها الذهبيتان مثبتتان على الجهاز السحري الصغير الذي يبث الأغنية.

«هذه أغنية "الذين يسيرون نحو الشمس"...» همس سلطان بصوت مخنوق. «إنها أغنية ممنوعة في بغداد لأنها تُحرك المشاعر... كيف وصلت إليك؟»

بدأت إليانا حديثها، وأسكتت الجهاز بسرعة، لكن سلطان لاحظ بريقًا في عينيها أخفته على الفور بكبريائها المعتاد.

قالت بهدوء، وهي تُحكم قبضتها على ركبتها: "الأشياء المحرمة هي الوحيدة التي تقول الحقيقة يا سلطان. أستمع إليها حتى لا أنسى أن العالم خارج هذه الجدران المتجمدة كان يتمتع بشمس دافئة."

جلس السلطان على الأرض بجانبها، محافظاً على مسافة تحترم صمتها.

سأل السلطان وهو يراقب الشمعة وهي تذوب ببطء: "لماذا تساعدني حقًا؟ يريدني قيصر كسلاح، ويريدني المفوض إيزنبرت كجثة... وأنت؟"

نظرت إليانا إليه، ولأول مرة، لم تكن نظرتها "متدربة"؛ بل كانت نظرة شريك.

قالت بصوتٍ مرتعشٍ قليلاً: "لأنني رأيتُ الصدع يا سلطان. يسمح لي قانوني برؤية ما وراء الأوهام، وقبل أسبوع، أثناء استطلاعي للختم الشمالي، رأيتُ شيئاً لم يره أحدٌ غيري. الختم لا يتصدّع فحسب، بل يُنهش من الداخل. هناك خيانةٌ لا تبدأ بالشياطين، بل في مكاتب القادة."

شحب وجه السلطان. "هل تقصد... إيزنبرت؟"

"إيزنبرت هو الرأس، لكن الجسد مليء بالديدان." اقتربت منه وأمسكت بيده التي كانت ترتجف من البرد أو ربما من الخوف. "أنا أساعدك لأن قوتك هي 'قانون التوازن'. أنت الوحيد القادر على رأب هذا الصدع إذا تعلمت دمج البرق مع الأرض دون أن تنفجر. إذا سقطت، ستصمت الأغنية التي كنت أستمع إليها للتو إلى الأبد."

في تلك اللحظة، ملأت رائحة مفاجئة الغرفة – رائحة نفاذة من الكبريت والمعادن المحترقة. نهضت إليانا فجأة، وسحبت نصلها في لمح البصر.

صرخت قائلة: "لا تتحركي!"، ثم فعّلت قدرتها على كشف الأوهام.

بدأت الجدران تهتز، وظهرت شقوق سوداء على الحجر الجليدي، كما لو أن ظلالًا غير مرئية تحاول اختراق الغرفة. مدفوعًا بغريزته، استدعى السلطان هالة من الأرض (الزمرد) لتغلف الغرفة، بينما رقص البرق الأزرق بين أصابعه ليضيء الظلام.

كان ذلك أول تحذير حقيقي بأن "العدو" لم يعد ينتظر على الحدود؛ بل كان موجوداً بالفعل خلف الأبواب.

همست إليانا، وهي تقف ظهراً لظهره: "لقد التقطوا رائحتك. إيزنبرت يفقد صبره. يريد أن يرى ما إذا كنت قد تعلمت الانضباط أم أنك ما زلت فريسة سهلة."

شعر سلطان بثقل المسؤولية الهائلة. لم يعد يتدرب لإرضاء قيصر، بل لحماية النبرة الحزينة في صوت إليانا وذكريات بغداد التي تتلاشى خلف ضباب المؤامرات.

قال السلطان، وقد اكتسب صوته نبرة حاكم أسطوري لأول مرة: "لن يمسّوا هذا المكان. أنا لا أتحكم بالأرض والبرق فحسب... بل أتحكم بالغضب الذي سيحرق أوهامهم."

انتهت الليلة بصمت حذر، لكن الرابطة بينهما لم تعد مجرد علاقة بين طالب ومعلم؛ بل أصبحت عهداً مكتوباً برائحة الخطر، ووعداً بأن يبقى أحدهما مرآة للآخر في عالم يغرق في الزيف.

More Chapters