(تكملة...)
في مزيج من الإشمئزاز و الغضب،ركض الحارسين المتبقيين ناحية نيكولاس،مكشرين عن سيفيهما.
فور اقتراب الحارس الاول لمسافة كافية،نهض نيكولاس من على الارض،مبتعدا عنه بضعة خطوات،امسك الخوذة الملطخة بالدماء،ليقوم بحركة سريعة برميها على وجه الحارس،مشوها خوذته المعدنية،مصدرا صوتا معدنيا مدويا بالارجاء،ترنح الحارس للخلف، مصدومًا من قوة الضربة، وخوذته المشوهة تحجب رؤيته جزئيًا.
استغل نيكولاس الفرصة ليبدأ بالركض ناحيته مستعدا لإنهاء حياته،لكن الحارس الاخر وقف امام صديقه ملوحا بالسيف،ناحية رأس عدوهم.
تجنب نيكولاس الضربة باُعجوبة،مبتعدا عنه محافضا على مسافة امنة،رامقا اياه بنظرات وحشية خالية من اية رحمة،من ما رفع من توتر الحارس.
تكلم الحارس في قلق موجها كلامه لصديقه"اانت بخير؟"
رد عليه الاخير بينما استلقى على قدميه،نازعا خوذته في الم"رأسي يألمني،و الرأية مشوشة،لا استطيع حتى الوقوف بشكل صحيح،لا ابد انني اصبت بقوة في رأسي"
اكمل الحارس الاول كلامه في جادة"سأواجهه بالوقت الراهن،فل تستعد توازنك بسرعة و لتأتي للقضاء على هذا العبد"
في الوقت نفسه،لاحض نيكولاس سيف الحارس الميت ملقياً على الارض.
سيف متوسط الحجم،ذو حافة حادة و مقبض مصنوع بجلد مجهول المصدر.
انحنى بسرهة ناحيته،حاملا اياه بيديه الملطختين بالدماء،محساً بثقل المعدن في يديه.
اخذ وضعية مناسبة للهجوم،ممسكا السيف بكلتا يديه،ثم اتخذ وضعية الاستعداد.
ليبدأ بالمشي بخطوات ثابتة نحو الحارسين، عيناه مشتعلتان بنار الغضب والحزن.
تحت درع الحارس،كان التوتر و الرهبة واضحتاً على ملامحه،فقط رأية رأس زميله المشوهة امامه،كان كفيلة بزرع الخوف داخله.
لكن رغم ذالك،رغبته بالبقاء كانت الشيئ الوحيد الذي ابقيته واقفا لحد اللحظة.
امسك الجندي سيفه بإستعداد،بينما يراقب اقتراب نيكولاس البطيئ.
فور اقترابهم من بعضهم البعض بالمسافة المطلوبة،رفع الحارس سيفه بالهواء،بينما امال نيكولاس سيفه ناحية الارض.
في لحظة خاطفة، التقى السيفان في صدام معدني مدوي، أصداؤه تتردد في الهواء البارد المشحون بالتوتر.
اندفع نيكولاس قليلا للوراء،بينما استمر الحارس بالضغط على سيفه بقوة.
تنهد نيكولاس في تعب للحظة،ثم لف وجهه ناحية الحارس،و في حركة سريعة،أمال سيفه بزاوية حادة، مما تسبب في انزلاق سيف الحارس إلى الجانب، تاركًا صدره مكشوفًا للحظة قصيرة.
استغل نيكولاس تلك التغرة،سحب سيفه بسرعة،ثم التف بشكل دائري سريع،مسددا ضربة مباشرة لجانب الحارس الايمن بسيفه،مخترقا الدرع بصعوبة.
لكن الاستسلام لم يكن احد خيارات عدوه،في محاولة اخيرة،امسك الحارس بسيفه بكل ما اوتي من قوته،ليقوم بغرسه بالارض،امام حافة السيف،مبطلا تقدم السيف بالدرع.
مجبرا نيكولاس على سحب السيف،و التراجع خطوة للخلف.
لكن الحارس لم يخرج من هذا سليما،حيث بدأت الدماء بالتدفق من جرح خفيف من الجانب،شد الحارس جميع عضلات جسمه محاولا تخفيف الالم بينما اخرج سيفه من الارض،ممسكا اياه بحكمة بكلتا دراعيه،مخفيا اي اشارة على تأذيه،بينما يفكر داخل نفسه"اللع*ة الجرح سطحي،لكنه يحرق كالنيران،لكن ليس هناك خيار اخر لدي،يا القتال او الموت،النزيف لن يتوقف ذالك ما سيقلل من نسبة فوزي،علي انهاء الامر بسرعة،هنا و الان"
زفر الحارس في تعب،و عيناه تلمعان بمزيج من الخوف و العزيمة،الأدرينالين يتدفق في عروقه،معطيا اياه دفعة اضافية من القوة للقتال.
من الجانب الاخر،كان نيكولاس يلهث من الارهاق،كون القتال بالسيف كان جديدا عليه،لكن غضبه و كراهيته الا متناهية كانت بمثابة محرك اضافي يمده بالقوة لإستمرار بالقتال.
اقترب الاثنان نحو بعضهما البعض بخطوات حذرة،أعينهما مثبتة على بعضهما البعض كما لو كانا وحشين يتربصان بفريستهما.
قبضاتهما تشتد،و الحشود متوترة،و رائحة الجثث تفوح بأنوفهم.
في لحظة خاطفة،لوح نيكولاس بسيفه نحو حنجرة الحارس،كانت الضربة سريعة وحاسمة، مدفوعة بغضبٍ جامح وحركة غريزية، حيث استهدف النقطة الأكثر الضعيفة في درع الحارس.
لكن الحارس، رغم ألمه وإرهاقه،رفع سيفه ناحية الهجوم لصد الضربة،مما تسبب في ارتطام السيفين بقوة،مصدرًا صوتًا معدنيًا مدويًا آخر.
ارتد سيف نيكولاس للخلف،تاركا اياه في وضعية حرجة.
لتلمح عيني الحارس الفرصة،و في حركة لا إرادية،ارتفع سيفه في قوس قاتل نحو منتصف جسده،و نظرات التشويق و اللهفة للفوز توسعت في عينيه.
و في ثوانٍ معدودة،بدل ان يستعيد نيكولاس توزانه،سقط بسرعة على الارض بشكل مقصود،مر السيف فوق رأسه قاطعا خنصلات من شعره المتطاير،مارًا بمسافة ضئيلة من جسده.
ليصطدم بالارض الجليدية،مصدرًا صوت ارتطام خافت.
لكن الحارس لم يترك له فرصة لراحة،ليرفع سيفه مباشرة فوق رأسه بيديه الاثنتين،مهبطا اياه بكل ما لديه من قوة،قاطعا الهواء من حوله.
ليقوم الاخير بالتدحرج بسرعة إلى الجانب،متجنبًا الضربة القاتلة ببضع بوصات.ليستضم سيف الحارس بالفتات الجليدي الابيض.
غرس نيكولاس يده بالجليد،مشكلا كرة جليدية بحجم كف يده،وفي حركة خاطفة، ألقاها بقوة نحو وجه الحارس.
متسللاُ فتاتها الابيض،بين فجوات العينين بالخوذة،لتسبب في اعماء الحارس مؤقتا،فصرخ من الالم و هو يترنح للخلف بعينين دامعتين"ايها الوغد!!"
و بينما كان الظلام و الالم و الخوف فقط ما يحيطان به،استغل نيكولاس اللحظة، وقفز على قدميه بسرعة،موجها ضربة حاسمة نحو عنقه.
قطع جلده،و تمزقت عضلاته و اعصابه،و طردت الدماء من مجراها،لامستا الهواء الطلق.
اخترق السيف عنق الحارس،و تفجرت دمائه بأرض المعركة،محولتا الجليد من تحتهم الا ارض دامية حمراء.
في لحظاته الاخيرة،انطلق الاف الافكار في عقله بسرعة مهولة"مذا،خسرت؟،انا اموت؟!،هزمت من عبد؟!،لا لا لا هذا غير صحيح"
ارتعش جسده بشدة مستوعبا حقيقة الامر،ان موته محتوم.
سحب نيكولاس السيف من عنقه،ليسقط الاخير على الارض قتيلا.
زفر الاخير في تعب،قبل ان يلتف ناحية الجندي الاخير في غضب،مستعدا لتهميشه هو الاخر.
لكنه لم يجده بمكانه المطلوب،التف في كل الاتجاهات بينما امسك سيفه،مستعدا لأي هجوم مباغت قد يقوم به.
اقترب العجوز نحوه ببطئ،واضعا يده على كتفه،و على وجهه تعابير الحزن و القلق"لا داعي للقلق،لقد هرب"
ليرقمه نيكولاس بنظرة مليئة بالوحشية و الغضب صارخا عليه بكل قوته"لماذا تركتوه يهرب؟!قومو بقتله لقد كان ضعيفا،لم يكن ليستطيع مسكم بسوء حتى!"
تنهد العجوز بعمق،ليطبطب على كتفه قبل ان يزيل ذراعه منها،رادا عليه"نحن لسنا اقوياء مثلك يا بني،نحن خائفون ليست لدينا الجرئة حتى للهجوم عليهم"
نيكولاس الذي كان يلهث من الإرهاق،ابتعد عن العجوز،غير معير له اي اهتمام،متقدما بين الحشود،الذي بدا على بعضهم الخوف،و البعض رمقه بنظرات من صدمة و الذهول،لكن جميعهم حتى لو ام يظهرو ذالك احسو بالراحة،لرأية ظالميهم يموتون بتلك الطريقة البشعة،لتشتعلة شعلة طفيفة من نار التمرد في قلوبهم.
توقف نيكولاس للحظة امام،ايثان الذي كان يرقمه ينظر الا وجهه الملطخ بالدماء،بنظرات من التعجب و الاستغراب،و رغم رأيته لوحشية افعاله لكنه اعتبر موتهم شيئا مستحقا،نظرا لما فعلوه.
ليبدأ نيكولاس بمسح الدم عن وجهه بظهر يده،و عيناه تراقبان جوزيف،الذي بدا عليه القلق.
ليقول له بعدها بنبرة خالية من مشاعر"احضر الحقيبة"
ابتلع ريقه في قلق،ليرد عليه بعدها"اسف،لكنها ليست لدي،لا بد انك نسيتها ببيت العجوز"
دون النطق بكلمة،استدار نيكولاس ناحية بيت العجوز،دخل اليه،اخرج الحقيبة و عاد اليهم.
تقدم ليور ناحيته محاولا قول شيئٍ ما له،لكنه تجاهله،و قام بفتح الحقيبة كاشفا عن محتويتها.
_حبلان طويلان في نهايه كل واحد منهما خطاف معدني.
_3 عبوات بنزين
_مسدس كهربائي
_بندقيته الخاصة
حمل الخطاف بيده الدمويتين،ثم بدأ بالمشي مقتربا ناحية الجدار الذي حبسه شعبه طيلة تلك السنين.
بدأ بلف حبل الخطاف الا ان وصل لسرعة المناسبة،ليقوم بكل مهارة و قوة برميه الا حافة الجدار العالي،لينغرس الخطاف المعدني في الجهة الاخرى من الجدار مصدرا صوتا خفيفا،ليبدأ بعدها بشد الحبل بقوة ليتأكد من استقراره.
التف نحوهم بهدوء،باقيا صامتا لعدة ثوان،قبل ان يبدأ بالكلام موجها كلامه للجميع بينما يحمل الخطاف الاخر في يده"هذا الحبل الذي ترونه امامكم،هو طريقكم الوحيد للحرية،تسلقو هذا الحبل،و ضعو الخطاف الاخر في هاته الجهة من الجدار،لكي تكون لكم طريقة للخروج،فور خروجكم فل تتبعو العجائز الذين سيقودونكم الا طريق قريتنا المدمرة،هناك ستجدون بعض الطعام،الا ان ااتي اليكم و اقودكم نحو مكان أامن،و هنا يقع الخيار بين يديكم،فمن اختار الحرية و العزة فل يتقدم و يخرج من هذا الجحيم،و من اراد الذل و العبودية فل يبقى هنا مهانا"
صمت الحشد للحظة،مخيريين بين خيارين،بدأ حياة جديدة بالخارج،او البقاء هنا.
تعالت تشجيعات المراهقين و الشبان،الذين ايدو و شجعو فكرة الهروب،حتى من تردد بالبداية منهم تلقى تشجيعا مضاعفا من اصدقائه الاخرين،ليتم دفعهم شيئا فشيئا للموافقة على قرار الهروب.
لكن الاهالي و الكبار بالمكان،بدا عليهم التردد و الشك،صامتين،و الافكار تحوم في رأسهم.
تقدم احد الرجال للأمام و على وجهه تعابير الجدية قائلا"اصمتو ايها اللعن*ء،لقد اخبرناكم مئات المرات ان المكان بالخارج يعتبر اخطر من هنا،قد لا تجدون اي طعام ولا شراب لأيام،بينما يتم ملاحقتكم من اخطر المخلوقات،و حتى لو خرجتم،الا اين ستذهبون مثلا؟ليس لدينا مكان امن للمكوت فيه،فالخروج يعني فقط انتحارا غبيا"
صرخ احد المراهقين ضده"تقولون هذا دائما،لكن ليس لديكم دليل ان هناك اي وحوش،قد يكون المكان بالخا*"
و قبل ان يكمل كلامه،تمت مقاطعته من نيكولاس"لا بل كلامه صحيح"
ليلتف الجميع نحوه بإستغراب ممزوج بالصدمة،اكمل نيكولاس كلامه قائلا"المكان بالخارج خطير لدرجة لا توصف،الوحوش في كل مكان،الاكل قليل بعض الشيئ،و كل المدن مدمرة كما قال الرجل،لكني لم اكن لأتي اليكم لو لم يكن لدي حل لهذا مسبقا،كما اخبرتكم فور خروجكم فل تتوجحو ناحية القرية القديمة،الذي ستمكتون فيها لبعض ساعات،هناك سنكمل رحلتنا و نمر عبر المدينة،و التي ستكون اخطر جزء،المخلوقات تلك موجودة بكثرة هناك،و قد يتسبب ذالك بمقتلنا لو لم نكن حذرين،لكن فور خروجنا من المدينة،و قطعنا لمسافة معينة،سنصل الا ما ستعتبرونه بيتكم الجديد،مستعمرة مليئة بالبشر مثلنا،لا عبودية،ولا حياة رديئة،و الامان مضمون،ستجدون هناك حريتكم و حياتكم،و اعدكم انها ستكون افضل"
فجأة،وجه اصابعه ناحية ايثان و البقية مكملا كلامه"و من شك في صحة كلامي،فهائلاء الثلاثة هم من تلك المستعمرة و بإمكانكم سئالهم ان اردتم"
أثارت كلمات نيكولاس موجة من الدهشة في الحشد، وتحولت الأنظار نحو إيثان و البقية الذين كانو يقفون وسط الحشد.
سألتهم احد النساء بنبرة من الفضول"اكلامه صحيح؟اهناك مكان امن حقا بالخارج؟"
هز ايثان رأسه بالموافقة،بينما ردت عليها جيني بنبرة ايجابية"اجل،, اأكد لكم ذالك"
رد عليها جوزيف هو الاخر بنبرة مازحة"نحن مختلفو اللون الوحيدين في هذا المكان،هذا واضح بشدة"
بعد سماع كلماتهم،بدأت الشكوك التي تعتمل في نفوس الكبار بالتلاشي ببطئ،بينما زادت عزيمة و حماس المراهقين.
ليصرخ نيكولاس عليهم للمرة الاخيرة و الجدية تملئ وجهه"اكرر كلامي،من اراد الحرية،فل يتقدم لجهتي،و من اراد التعفن حيا فل يبقى واقفا في مكانه"
ليبدأ الجميع بإتخاذ قرارهم الاهم في حياتهم جمعاء،سرعان ما بدأت حركة خفيفة تنتشر بينهم.
هناك من حركه الحماس للخروج،و هناك من تغلبو على مخاوفهم التي زرعها الكاتوران في قلوبهم طيلة تلك السنين.
و بعد دقيقة واحدة،كانت جهة الحرية مملوئة بالناس،صغيرا و كبيرا،كلهم يتوقون للحرية رغم اختلاف اهدافهم.
و مع ذالك،كانت هناك نسبة لا يستهان بها من العبيد،لم يتحركو خطوة واحدة،خائفين من التقدم.
صرخ احد الرجال من فريق الحرية لأحد اصدقائه من الجانب الاخر في حيرة"ارغون!لماذا لا تزال هناك؟فل تتقدم الا هنا"
اشاح ارغون نظره عن صديقه،ليرد عليه بنبرة مليئة بالاسف،لكن في طياتها الخوف"لا،لن اخاطر بحياتي من اجل هذا،"الحرية حلم جميل، لكن لو حاولت الهروب وأمسكوني... النهاية ستكون أسوأ"
توسعت عينى كامو في صدمة،تقدم بضعة خطوات للأمام،ملوحا بالهواء"مال الذي تهزي به؟الم تكن انت من يتكلم دائما عن العالم الخارجي و رغبتك برأية تلك المخلوقات؟الان هي فرصتك الوحيدة لتحقيق ذالك،لذا توقف عن جبنك و لتتقدم"
ظل ارغون واقفا في مكانه،واضعا يديه في جيبه،و نظراته مثبثة على الارض التلجية،ليرد عليه"كنت امزح فقط،لم اكن اتوقع اصلا ان هذا اليوم سيأتي،لذالك كنت فقط اقول ذالك من اجل المتعة لا غير"
كلمات ارغون كانت كالطعنة في قلب كامو،ارخى يديه في صدمة بينما بدأ الاحباط و الحزن بالسيطرة عليه"اذا كل ما كنت تقوله مجرد كذب؟ايها الخائن الزنجي،كل كلامك كان مجرد لا شيئ؟اذا تبا لك و لهذا المكان،سأرحل بدونك"
ليعتصر قلب ارغون من الهم و كره الزات،لم ينطق بكلمة،بل اكتفى بالالتفاف للوراء و العودة ناحية كوخه،ملوحا بذراعه مودعا صديقه مرة و الا الابد.
في الوقت ذاته،اعطى نيكولاس للبقية نصيحة اضافية"عند وصولكم لنهاية،فل تقفزو من الجدار دون خوف،فالتلج سيخفف الضرر"
فجأة،تقدمت احد الامهات من الجهة الاخرى،ناحية نيكولاس،و على وجهها ملامح القلق و الحسرة.
فور اقترابها منه،بادرت بالكلام"انا اريد ان اكون حرة،لا اريد ان ابقا هنا مذلولة من اجل خدمة تلك الخنازير،لكني لا استطيع الخروج"
رد عليها نيكولاس بلا مبالات ظانا انها فقط تصطنع الاعذار"و ما الذي تريدينني ان افعله الان؟"
لترد عليه المرأة بكل الم وحزن"ابني...يعمل كخادم لبيوتهم،لن اذهب من دونه"
فجأة انحت على الارض،واضعتا يدها على وجهها بكل حزن،أصابعها المرتجفة تحاول كبح الدموع التي بدأت تنساب على خديها، بينما جسدها يرتعش من ثقل الحزن والخوف."لذالك رجائا،فل تقم بتحريره هو الاخر،إنه كل ما تبقى لي،لذا ارجوك لا تتخلى عنه"
فور رأية نيكولاس لحالة الام،نظرته القاسية التي كانت مليئة بالغضب و الالم،خفت قليلا.
كلماتها،و حبها لإبنها ذكرته بوالدته،التي كانت رغم المشاكل التي تعانيها في حياتها،استمرت بحبه و الاعتناء به.
انحنى الاخير ببطئ على ركبتيه،واضعا يده بلطف على كتف الام،و في عينيه مزيج من الحزن و التعاطف،و هو ينظر في عينيها الغارقتين بالدموع،قائلا لها بنبرة مطمئنة"لا داعي للقلق،ولدك سيكون بخير"
توقفت الام عن البكاء،رافعتا وجهها ناحيته بينما تمسح دموعها"شكرا،شكرا،شكرا،انت لا تعرف كم هذا مهم بنسبة لي"
ليرد عليها بنبرة هادئة"لا،بل اعرف"
وقف نيكولاس مجددا على قدميه،ناظرا ناحية من قررو البقاء،ليبدأ بالصراخ عليهم قائلا"سوف اذهب و احضر كل من تبقى من عائلاتكم،من منطقة الكاتوران،و لذالك من كان قلقا على ابنه و اراد رأيته مجددا،فل يتسلق الحبل و يخرج من هنا."
حمل الحقيبة على ظهره،بينما لف وجهه ناحية من كانو معه قائلا"من اراد المساعدة،فهو مرحب به بأي وقت"
ليتقدم للأمام،وسط الحشود الضعفاء،و مع كل خطوة يخطوها،كان بعضهم ينظم الا جهة الحرية.
ليبدأ جميع من كانو بجانب نيكولاس بتسلق الحبل،بينما اشرف العجائز على تنظيمهم لكي لا تحدث اي فوضى.
في الوقت نفسه،احس نيكولاس بخطوات تتبعه من الخلف،توقف للحظة ثم التلف ببطئ،متفحصا المكان من خلفه.
ليجد ايثان و جيني و جوزيف مع الثلاثي و 10 من اصدقائهم.
حمل ليور سيف الحارس الميت امامه قائلا بنبرة جدية"هيا فل تكمل طريقك،سوف نساعدك"
لم يرد عليه،لكنه قام برمي السيف الاخر الذي كان معه ناحية كارل بهدوء مسقطا اياه امامه.
ثم فتح حقيبته،ملقيا كل علب البنزين التي كانت داخلها.
و بدأ بحملهم و توزيعهم على البقية.
واحدة لجوزيف،وواحدة لليور،وواحدة لنفسه.
ثم بدأ بإعطائهم التعليمات"هذا الشيئ الذي بين ايديكم هو سائل سريع الاشتعال،كل ما عليك فعله هو سكبه على المكان الذي تريد حرقه و اشعال النار فيه،لكن المشكلة الوحيدة التي تواجهنا،ان بيوت الكاتوران مصنوعة من الطين و الحجارة،, ذالك لن ينتج عنه سوا تبذيرا بالسائل"
في نفس الوقت،بدأ كارل و ال10 الاخرون ينظرون الا علبة البنزين بإستغراب و صدمة،كونها المرة الاولى التي يرون فيها مثل هذا الشيئ،بالاضافة الا ايثان الذي كان يرمق العلبة بنوع من الفضول،بينما يتخاصم مع جوزيف ليأخذها منه،
تقدم مالوير خطوة نحوه،رافعا يده ناحيته بينما يأشر على الارض بإصبعيه،مقترحا فكرة له"يا زنوج لدي فكرة رائعة،اترون تلك الخردة التي نسميها المنازل،فل نستعملها لحرق منازل هائلاء الدعا*ة،سنرحل من هنا اصلا لذا لا توجد اي مشاكل"
لتظهر ردة فعل ايجابية مع من كانو معهم،ليبدأ ضجيج بالظهور فيما بينهم،مؤيدين الفكرة.
"فكرة اسطورية مالوير"
"اخيرا استخدمت الحذاء الذي في رأسك"
"قدام"
قاطعهم نيكولاس قائلا بنبرة حادة"اذا لنطبقها،اولا فل تقومو بتحطيم الاكواخ،ووضعها امام البوابة المؤدية لهذا المكان اينما كانت،سوف نسد طريقهم الوحيد لهذا المكان،لتوفير الوقت للبقية للهروب"
لينطلق الجميع دون تسائل او تعارض ناحية الاكواخ المهترئة،محطمين كل من وجدوه امامهم،مستخرجين الخشب و الاسرة القديمة،و البلاستيك...
بينما من كان ينتظر دوره للخروج،ظلو ينظرون اليهم بنوع من الاستغراب و الفضول.
قال واحد منهم"ما الذي يفعله هائلاء؟"
ليرد عليه واحد اخر"لا اعرف،لكنهم مع نيكولاس لا بد انهم يخططون لشيئ ما"
مرت الثواني و الدقائق،و الباب الوحيدة المؤدية لمنطقتهم ،ذو طول 4 امتار طولا و عرضا،تم اغلاقها بالكامل بواسطة حطام المنازل.
بعضهم جلس على الارض،اخذا استراحة،بينما قام البعض بالاحتفال لإنهائهم الامر بسرعة.
نيكولاس، وهو يحمل علبة البنزين بثبات، وصل إلى أمام البوابة المحجبة بالحطام، أصابعه تتحرك بحذر لتفتح الغطاء المعدني بحذر.
ليقوم بسكب نصف العلبة على الحطام،في مختلف الاتجاهات.
فور انتهائه،اعاد اقفال العلبة،مخرجا الولاعة من جيبه،حرك اصبعه على الولاعة بحركة سريعة،مشعلا لهبا خافتا يتراقص في الهواء البارد.
ثم قام بأخذ احد الاخشاب المرمية،مشعلا اياها قبل ان يقوم برميها على الحطام.
لتبدأ النيران بالظهور بوتيرة سريعة،تشق طريقها بين الحطام،لتبتلع السنتها كل ما قبل الاشتعال،مخرجتا دخانا اسودا
و في لحظات معدودة ابتلعت النيران الحطام بأكلمه،لتصبح حاجزا ناريا يمنع اي احد من الدخول او الخروج.
بينما وقف الجميع ينظر الا النار و هي تبعث الدفئ في اجسادهم،في اعينهم امل و عزيمة لا مثيل لها.
في المقابل،كانت عينا نيكولاس تعكسان الطغينة و الغضب،التف ببطئ ناحية شجرة الاعدام،ناظرا الا جثة امه المشنوقة لثوانٍ قبل ان يرجع تركيزه الا النيران،و الندم و الحزن يعتصران قلبه.
ثم اقترب من ليور قائلا له بنبرة هادئة"اخبر من يخرجون بأخذ الجثث معهم و دفنها،حتى و هم اموات هذا لا يعني انه ليس لديهم الحق بالموت في ارضهم"
بقي الاخير صامتا لفترة،قبل ان يهز رأسه بالموافقة و على وجهه ابتسامة خفيفة،ليذهب لتطبيق ما قاله له.
كارل،الذي كان يقف بجانب نيكولاس سأله بإستغراب"مهلا لحظة،كيف سنصل اليهم اذا كان الباب محروقا؟"
رد عليه نيكولاس ببرود"لم افكر بهذا حقاً،لكن بإمكاننا استعمال الحبال للخروج و تحطيم بوابة الرئيسية"
لتتحول انظار البقية نحوه لصدمة الغير جادة،مستغربين انه لم تكن له فكرة حتى للخروج من هنا.
رد عليه كارل بينما وضع يده على وجهه في في إشارة إلى الإحباط"بجدية لم تعرف حتى كيفية الخروج؟"
تجاهله نيكولاس ثم بدأ بالعودة ادراجه ناحية الحبل،بينما تبعه البقية دون تردد،متجاهلين اصوات الكاتوران و هي تقترب من البوابة.
فور وصولهم،صرخ من كانو معهم لمن كان ينتظر دوره لصعود بالابتعاد،مفسحين المجال لهم للخروج اولا.
ليصعد نيكولاس بالبداية،و يتبعه البقية من بعده،ملتقين بمن خرج من المكان مسبقا،منتظرين البقية للذهاب جميعا.
كل خطوة لهم،طبعت على الجليد الابيض،شاهدتا لبداية الثورة الاولى و الاخيرة للمستعمرة.
وصل نيكولاس الا السيارة التي وضعوها قريبا من مكان تركهم للمكان،ماراً بين الجثث و خطواتهم القديمة.
توقف فور وصوله لسيارة،ليلتف ناحية جوزيف،مأشرا نحو السيارة بوجهٍ جدي،لكي يقوم بسياقتها.
ليقوم جوزيف عن دون خاطر،بركوب السيارة و تشغيلها،ليدخل معه نيكولاس مباشرة،حاملا السلاح بين يديه.
اخرج رأسه من الشباك المحطم صارخا عليهم"اسمعوني جيدا،سأشرح هذا للمرة الاولى و الاخيرة،سوف نبرم النيران في البوابة الرئيسية،ذالك ما سيدفعهم لفتحها لغرضين،الاول هو البحث عن من فعل هذا،ثانيا اطفاء النيران المشتعلة،و فور فتحهم للبوابة سندخل مباشرة بإستعمال السيارة"
اصبحت نبرة نيكولاس اكثر قتمة و جنونا،و ملامحه اشتدت اكثر بالغضب"سنهدس كل حيوانٍ لع*ن منهم،كل من امامنا سنقوم بقتله و دهسه،لنملئ منطقهم بالدماء و الفوضى،و انتم ستقومون بإخراج كل ما اراد المجيئ من هناك،الان فل تتحرك يا جوزيف لا يوجد وقت،فالشمس قد بدأت بالغروب"
حرك جوزيف السيارة دون معارضة،متوجها ناحية البوابة،محركا السيارة التي انطلقت بسرعة على الثلج الأبيض، تاركة وراءها أثرًا عميقًا يمزج بين خطواتهم السابقة ودماء الجثث التي مرت بها.
فور وصولهم،كان المكان كالمعتاد،مساحة بيضاء مليئة بالتلوج مليئة ببقع الدماء،جثثا الحارسين تم سحبها لداخل،و بوابة الدخول للمستعمرة.
توقفو على بعد امتار قليلة من البوابة،و من النافذة اشر نيكولاس لسامويل بسكب البنزين على البوابة.
و بدون مقدمات،بدأ سامويل بتلطيخ البوابة بالبنزين في كل مكان يستطيع سكبها فيه الا ان انتهت العلبة بالكامل.
سامويل،ناظرا الا الباب بإبتسامة خبيثة،اخرج الولاعة التي اعطاها له نيكولاس بوقت سابق.
حاول اشعالها لكنها لم تعمل،التف للوراء،و تحرك الا السيارة التي فيها نيكولاس.
و بإبتسامة حرجة قال له"احم،لا اعرف كيف استعملها"
ضرب نيكولاس وجهه بيده في إحباط، ثم أخذ الولاعة من يد سامويل بنظرة غاضبة،اشعلها امامه ليعرف كيف تعمل قائلا بنبرة حادة"افهمت الان؟"
رد عليه سامويل"بالطبع بالطبع"ليرجع مجددا ناحية البوابة،مشعلا النيران فيها دون تردد.
اندلعت النيران بسرعة،و غطت الجزء السفلي من البوابة بالكامل.
انسحب سامويل بسرعة للوراء و عيناه تلمعان بالرضا، و الحماس صارخا بجل قوته"لقد انتهيتم ايها الدواع*"
تفاعلت النيران مع الخشب،و بدأت بالكبر شيئا فشيئا.
في الجهة الاخرى من الباب،كان الحارس يراقب النيران و هي تشق طريقها لداخل ببطئ،و دخانها يتسلل من فتحات الباب،و الرهبة و الخوف هيمنا على قلبه"ما بال هذا هذا اليوم اللع*ين؟!،تبا علي الابلاغ عن الاحتراق ليتم ايقافه قبل ان تسوء الحالة"
ليصرخ بصوت عال لبقية الكاتوران بالمكان"هناك حريق بالبوابة الرئيسية!احضرو قدر ما تستطيعون حمله من المياه!"
ليبدأ الكاتوران بدون ذرة اهتمام بإرسال عبيدهم ناحية بئر بسيط موجود في منتصف المكان،مدفوعين بالخوف من عقاب سيدهم.
في نفس الوقت فتح الحارس البوابة ليمكن لهم اطفاء النيران.
سحب المقبض،و باشر الباب بالانفتاح ببطئ،لينسكب الدخان إلى الداخل كلما فتح الباب اكثر،مما جعل الحارس يسعل بقوة،بينما تراجع العبيد بضعة خطوات للوراء و القلق و الرعب محفورة على اوجههم المتعبة.
قال الحارس اثناء ما كان يلوح بيديه مبعدا الدخان عنه مغلقا عينيه"(كحة عنيفة)ما كل هذا الدخان؟سوف اموت خنقا ان لم يتوقف هذا الحريق"
و على حين غرة سمع صوت محرك قوي يدوي بالارجاء،ممجوزا بإحتكاك العجلات مع التلج.
فتح الحارس عينيه المتألمتين بإستغراب،محاولًا رؤية مصدر الصوت وسط الدخان الكثيف الذي كان يخنقه،و لكن قبل ان أن يتمكن من استيعاب الوضع،اندفعت سيارة من وسط الدخان في ثوانٍ معدودة.
و عبر نافذة السيارة المحطمة،لمح الحارس،ظلاً بالكاد يرا ينظر اليه بحقد و غضب لا محدودان،مصوبا بندقيته ناحيته،من ما زرع الخوف و الرهبة في قلبه.
و قبل أن يستطيع اتخاذ أي إجراء،اخترقت الرصاصة جمجته،مفجرتا رأسه من الخلف،ليسقط قتيلا على الارض.
ارتجف العبيد في خوف،و صرخت غرائزهم عليهم للهروب،اسقطو دلائهم،و بدئو بالركض مبتعدين عن طريقهم،بينما استمرت السيارة بالتقدم متخطيتا اياهم.
لف جوزيف مقود السيارة بجنون،اخذا احد المنعطفات،الذي كان فيه مجموعة من رجال و نساء الكاتوران،كلٌ يقوم بروتينه اليومي المعتاد،غير مدركين لما ينتظرهم.
ضغط جوزيف البنزين،مضاعفا سرعة السيارة،ليبدأ بدهس كل من جاء في طريقه،و الرعب و الاشمئزاز متجذر على ملامحه،محولا المنطقة الا فوضى دموية،تطايرت الاجساد حول السيارة،و امتصت التلوج دماء الضحايا متحولتا الا الاحمر الدموي.
و امتلئ المكان بصرخات الخوف و الالم،و انتشر الذعر بين الناجين،الذين حاولوا الفرار في كل اتجاه، تاركين أمتعتهم وأدواتهم وراءهم.
لكنهم كانو يصطادون واحدا تلو الاخر،من قبل نيكولاس الذي كان يصوب بمهارة عليهم،قاتلا كل من حاول الذوذ بالفرار، و على وجهه غضب لا نهاية له.
ليقوم جوزيف بالانعطاف عند وصوله لنهاية الطريق،اخذ نظرة اخيرة للمكان لتنقبض عيناه بإشمئزاز ممزوج بالرعب.
الطريق بأكلمه،تحول الا كومة من الجثث،الساقطة على التلوج الحمراء الملونة بدمائهم،بمنظر بشع لا يطاق.
(عند البوابة الرئيسية)
بادر جميع من كان مع نيكولاس بالدخول،متخطين الدخان الكثيف،ليبحثو عن اي من اصدقائهم بالمكان.
تقدم كارل للأمام صارخا بكل ما اوتي من قوة"لكل رجل اسود بالمكان،فل تأتو للبوابة سوف نهرب من هذا المكان!"
صدى صوت كارل انتشر بالارجاء،مترددا بين الاكواخ،حيث بدأت أشكال مبهمة تظهر من بين الظلام، رجال ونساء من الأسرى المضطهدين يتجمعون تدريجيًا نحو البوابة ،عيونهم مشتعلة بالأمل والخوف معًا.
تقدم ليور ناحيتهم و على وجهه الجدية قائلا لهم"كل من لديه صديق او ابن او اي احد يعرفه،فل يحضره لهنا لنهرب معاً،لا اريد تسائلات،ولا اعتراضات،كل ما اريده هو التطبيق"
لتحل على قلوب المجتمعين الاستغراب و القلق،تقدم واحد منهم بمزيج من الخوف و الجدية"اجننتم يا رفاق!الا تعرفون ما الذي سيفعله الاسياد بنا لو حاولنا الهروب؟!"
ليرد عليه ليور بنبرة جدية بينما يرمقه بنظرة حادة"اولا لقد اخبرتك بأن تتقدم دون اي اعتراض ايها الغبي،ثانيا الاسياد لن يبقو اسيادا لوقت طويل لذا فقط فل ترح بالك و افعل ابسط يمكنك فعله و هو الهرب للجهة المقابلة للمكان"
تقدم ليور اكثر للأمام ناظرا الا التلوج الدموية و جثث الكاتوران المبعثرة من بعيد،بنظرات تخفي في طياتها الراحة و النشوة.
ليقول بعدها بنبرة مليئة بالتقة"هاته المرة نحن الاسياد"
فجأة صرخ عليهم احد الكاتوران بنبرة مرعوبة"ما الذي تفعلونه بوقوفكم هناك ايها العبيد؟فل تذهبو لإخبار الحراس بالمجيئ!"
التف الجميع نحوه بصمت،ناظرين اليه بإحتقار ممزوج بالغضب،ليركض نحوه مباشرة احد السود،حاملا سيفا احضره من جثث الحراس.
بتلويحة واحدة،غرس السيف في كتفه،مسببا جرحا قاتلا له،فانهار الكاتوران على الأرض مع صرخة ألم مدوية، بينما سال الدم من كتفه الممزق،ليلون الثلج الأبيض بالدماء الحمراء من تحته.
الجموع التي كانت مترددة للحظة، بدأت تتحرك مجددًا، مدفوعة بمزيج من الخوف والحماس، حيث شعروا أن السلطة بدأت تنتقل إلى أيديهم.
لينقسم الفريق لنصفين،النصف الاول خرج من المستعمرة متوجه الا البقية بالخارح،و النصف الثاني بادر بالبحث عن بقية اصدقائهم بالمكان.
في مكان اخر،كان كلٌ من ايثان و جيني يمشون بين الجثث الملقية،اثار اقدامهم تطبع على التلوج الدموية،و الاشمئزاز و الخوف يهيمن على قلب جيني.
يداها ترتجفان بشدة،و عيناها شبه مغلقين،يدها موضوعة على فمها مانعتا نفسها من التقيئ.
بينما كان ايثان يرمقها بنظرات من الاستغراب و القلق بينما يحمل علبة بنزين بيده اليمنى.
(تكسر)فجأة سمعت جيني صوتا شيئ ما تحت قدميها،فتحت عيناها ببطئ،و اهبطت رأسها بتردد ناحية مصدر الصوت،لتجد جثة رجل مشوهة،احشائه متناثرة و الدماء في كل مكان من حوله.
و في حالة ضعف،تقيئت جيني على التلج،متكأتاً على احد الجدران الترابية،بينما تتنفس بصعوبة.
اقترب ايثان اليها بسرعة بقلق،حاول المساعدة لكنه لم يعرف حتى ما الذي عليه فعله،بقي واقفا امامها و القلق و الحيرة يسيطران على ملامحه.
بعد فترة قصيرة،نهضت جيني على قدميها مجددا،مغلقا عينيها بإحكام،تنفسها غير منتظم،و ضربات قلبها عنيفة،قائلتا لإيثان بنبرة تعبة""لا استطيع تحمل رأية كل هذا!لماذا علينا القيام بهذا مجددا؟الا يمكنه وضع هذا البنزين معه بالسيارة وحسب؟اععع"
ربت ايثان على كتفها بلطف،ليبدئو بالتقدم مجددا للأمام.
في الوقت التي تحاول جيني فيه تجاهل الجثث،كان ايثان ينظر اليهم بنوع من الاستغراب و الحيرة،غير مدرك لماذا تشمئز من شكل الجثث،لكن الشيئ الوحيد الذي فهمه حينها،ان الموت شيئ سيئ.
اثناء سيرهم بدأت جيني بالتفكير"اعععع متى سيأتي الليل؟،اريد تكليم القمر بدل هذا الجنون"
بينما كان ايثان يمشي ببطئ،لمح من بعيد احد الكاتوران الناجين يزحف ناحيتهم ببطئ،ممسكا كتفه المصاب بطلقة بندقية.
استنجد الكاتوران بهما قائلا"النجدة...بعض المساعدة هنا"
التف ايثان اليه بإستغراب،ليعرف مباشرة انه احد الكاتوران.
استمر الاخير بطلب المساعدة،لتقوم جيني مباشرة بإغلاق اذنيها ظانتا ان الصوت مجرد تهيئات.
اقترب ايثان منه،بخطوات بطيئة،ليقترب الكاتوران هو الاخر ناحيته على امل ان يساعده.
توقف ايثان على بعد خطوة امامه،ناظرا اليه بوجه بريئ خال من اي نوايا سيئة.
بعد ان احس الكاتوران بالامان،و اقترب اكثر فأكثر هامسا بنبرة مليئة باليأس و الالم"هذا انقلاب واضح،علينا اعلام الملك بسرعة قبل ان تس__"
و قبل ان يكمل كلامه،تلقى طعنة مباشرة في البطن،تركته يصرخ من الالم.
السيف بدأ بالتحرك ببطئ من خلال بطنه،موسعا الجرح اكثر فأكثر،تحت صرخات الم الكاتوران.
فتح عيناه الحمراوتين بألم و صدمة لا يطاقان،محولا بؤبؤ عينيه ناحية من قام بالطعنة،لتتقابل عيناه مع عينا ايثان الخاليتين من اي تعبير.
سحب السيف بسرعة من بطنه،لتبدأ الدماء بالانفجار على وجهه،بينما يحاول الكاتوران بكل ما اوتي من القوة البقاء واقفا.
نبضات قلبه تتزايد،و تنفسه هستيري،و الصدمة واضحة على وجهه،ليقول بعدها بنبرة مبحوحة"مذا؟كيف لك ان تفعل هذا؟من المفترض اننا جميعا عائلة؟..."
فجأة استوعب الاخير الامر الاخيرا مكملا كلامه"يالغبائي...ظننت اني لا اتذركذ بسبب اصابتي،لكن بعد رأيتك مجددا...انت لست من الكاتوران...لا اعلم من انت،او ما فائدة مساعدتك للعبيد،لكن فعلتك لن تمر مرور الكرام"
ليسقط الكاتوران على الارض ميتا،لينظم الا جثث عائلته.
بقي ايثان واقفا امام جثثه بلا حراك،عيناه مثبتتان على الكاتوران الملقى على الثلج، دماؤه تتساقط ببطء تاركة أثرًا داكنًا يمتزج مع اللون الأحمر الموجود مسبقًا،
و دماء الكاتوران ملئت جسده،تسارعت نبظات قلبه بشكل خفيف،ناظرا اليه بمزيج من الاستغراب و الحيرة،مستغربا من شعور غريب من الانزعاج،بالنسبة له لم يكن هناك سبب لقتله،بل فقط تقليدا لتصرفات نيكولاس،لكن الامر بعد تجربته بدا له غريبا و غير مريح.
جيني، التي كانت تتجنب النظر إلى المشهد،احست بأن هناك شيئاً خاطئاً لإيثان،لم تتحرك من مكانها لكنها تكلمت بنبرة قلقة"ايثان؟ما الذي يحدث معك هناك؟اانت بخير؟"
بقي ايثان واقفا امام الجثة لثوانٍ اضافية،قبل ان يرجع سيفه لمكانه،و يرجع الا جيني،مطبطبا على كتفها لتعرف انه لازال هنا.
زفرت جيني براحة لتكمل كلامها"بما ان كل شيئ بخير،دعنا نكمل طريقنا،تأكد من اخباري عند اقترابي من حافة ما"
إيثان أومأ برأسه بهدوء، عيناه لا تزالان تحملان نظرة من الاستغراب،غير فاهمٍ لما احس بذالك الانزعاج عند قتله.
ليكملا طريقهما بين الاحياء التي تحولت الا مقبرة جماعية،كل مكان،و كل منعطف،كان يقودهم الا مناظر اسوء فأسوء.
عينا ايثان تراقبان الجثث بإستغراب منزعج،متسائلا كيف تمكن لنيكولاس تحمل ذالك الشعور المزعج.
دخلا منازل الكاتوران التي مات اصحابها،اخرجو ما بداخلها،و بدئو بإحراقها،مستعملين البنزين،و عود كبريت وجدوه في احد الاكواخ.
استمرو على نفس الحالة لدقائق قريبة من الساعة،الا ان وصلو لأحد المنعطفات،لتلتقط اذناهم صوت طلقة قريبة.
فتحت جيني عينيها في خوف و رهبة،لتتفاجئ بمشهد غير متوقع.
سيارة نيكولاس كانت ملقاة على جانب الطريق،عجلاتها مثقوبة بالاسهم،و الوقود ينزف خارجها.
امام السيارة،كان جوزيف واقفا خلف نيكولاس،الذي كان يصوب بندقيته ناحية احد الحراس،الذي كان واقفا امام 3 جثث مدرعة لحراس غيره.
قوي البنية،مدرع بدرع من حديد مزخرف بأشكال هندسية متنوعة،و على سطحه اشكال هرمية حادة،تمتد على درعي الكتفين،و القبضتين،في منتصف الجزء العلوي من خوذته زينة على شكل عين كبيرة دائرية بنمط حلزوني،تتدلى منه أشرطة و أذيال معدنية،في الجزء العلوي من خوذته مصممة لتكون اشبه بالتاج.
ممسكا بمنجل ذو مقبض اسود،بنصل منحني طويل،يمتد من الارض الا اعلى رأسه،و في طرف العصى كرة مكورة مليئة بالنقوش الغير المفهومة.
و من ورائه 10 حراس اخرين،من بينهم كوينتوس و جايوس و ديكيموس.
كل اخذ وضعية الاستعداد،مستعدين لأي اوامر من قائدهم(حارس المنجل)
جايوس،الذي كان ينظر الا احد الجثث بمزيج متناقض من القلق و الفرحة،بينما يفكر"أندرياس ايها الوغد،انظر ما اوصلك اليه غرورك،تقدمت اليه دون حذر ليقوم بقتلك بطلقة واحدة ايها الاحمق،ههه اظن ان ذالك العبد له فائدة ترجى على الاقل"
غير انظاره ناحية قائدهم و ملامح الرهبة و الاندهاش متجزرة على ملامحه،عيناه متسعتان امام هيبته"يا لروعة،الحارس الشخصي للملك بنفسه اتا للمساعدة،درعه،سلاحه،كل شيئ عنه مميز..."
فجأة نطق القائد بصوت عميق مليئ بالهيبة"خرجت لأخذ نزهة بالارجاء،و ها انا ارا العبيد بدؤو بالثورة علينا،ثورة اعنف من اي شيئ تخيلته"
نيكولاس،بمزيج من الغضب و السخط،دون اي تفاهم سحب الزناد،مطلقا عليه رصاصة في منتصف صدره.
اصطدمت الرصاصة بدرعه المزخرف،دافعتا اياه بضعة سنتي ميترات للوراء،لتسقط الرصاصة الارض تراكتا حفرة صغيرة في مكان اصطدامها.
لم يتزعزع القائد للحظة،غير مظهر لأي علامة لتأثر،بل اكتفى النظر الا نيكولاس و القول بمزيج من الجدية و الاستهزاء"اتظن ان مسدسا ضعيفا كهذا سيأثر علي؟"
ليبدأ بالتقدم بخطوات بطيئة و ثابثة ناحية نيكولاس،الذي ظل يرمقه بنفس النظرات،و بدون تضييع اي وقت حمل سيف احد الجنود الذي كان تحت اقدامه.
ليقول له بنبرة مليئة بالسخط"غالاهاد ايها الدا*ر يبدو انك حققت حلمك و اصبحت جنديا"
ليرد عليه غالاهاد"ليس جنديا فقط،بل وصلت الا ما وراء احلامي و اصبحت حارس الملك الشخصي،الان كيف تعرف اسمي ايها العبد؟"
لم يرد عليه،بل اكتفى بالنظر اليه بكل غضب و إشمئزاز.
تنهد القائد بهدوء،ليلتف فجأة ناحية بقية الجنود أمرا اياهم"اسمعو جميعكم،لا داعي لإتعاب انفسكم معه،سأنهي امره بنفسي_"
ليقاطعه احد الجنود صارخا"انتبه ورائك!!"
و قبل ان يقوم الاخير بأي ردة فعل،تلقى طعنة من الوراء من سيف نيكولاس الذي استغل لحظات انشغاله منقضا عليه كالوحش البري،تضرر درعه،لكن السيف لم يستطع اخطراقه بالكامل.
شد غالاهاد على فقبضته،و بحركة واحدة،لوح بمنجله في دائرة واسعة،قاطعا الهواء من حوله.
نيكولاس الذي كان يستعد لتسديد ضربة اخرى،دفع نفسه للأرض بأقصى ما يمكنه،متجنبا الضربة باعجوبة.
مباشرة بدأ بالتدحرج للوراء مبتعدا عن نطاق هجومه.
نهض على قديه بسرعة،متمايلا قليلا ليستعيد توازنه بعدها في ثواني.
و دون ان يحس،بدأت الدماء تسيل من جبهته،كاشفتا على جرح شبه عميق في الجبهة.
شعر الاخير بألم حاد في مكان الجرح،لكنه تحمله رغم ذالك.
بادر غالاهاد بالتقدم نحوه منه شيئا فشيئا بينما يتكلم بنبرة ساخطة"مثير لشفقة،تحاول غدري ايها العبد اللع*ن،لسوء حظك اساليبك هاته لن تنفع معي البثة"
في نفس الوقت كان نيكولاس يفكر بينما يتنفس بتوتر"استعمال السيف ضده غير نافع،الهجمات قريبة مدا تعني فوزا ساحقا له،سلاحه الداع*ر هذا يغطي كل مكان بجسده حتى ظهره،لذالك"
امسك السيف بكلتا يديه،و بحركة دائرية قذف السيف ناحيته بكل ما يملك من قوة.
دار في الهواء، موجهًا نحو صدر غالاهاد، لكن القائد بتلويحة واحدة،اوقف تقدم السيف،ليسقط على الارض دون اي ضرر له.
(طلقة)
و على حين غرة،التصقت طلقة في خوذة القائد،صانعتا تشوها بسيطا في خوذته.
حول غالاهاد نظره نحو نيكولاس،ليجده مصوبا بندقيته نحوه،مستعدا للإطلاق مجددا.
ليبادر مباشرة بالمشي نحوه بخطوات سريعة،قائلا بنبرة غاضبة"عديم الفائدة"
(يكمل...)
لا تسنى الصلاة على رسول الله
+اكتبو تعليقات يرحم امكم